إذا كنت من محبي العطور الطبيعية، فستكون مدينة الطائف غرب السعودية وجهتك الأولى، أو على الأقل ستحرص على اقتناء منتجها من الورد الطائفي الذي يُعد الأغلى على مستوى العالم . عُرف عن الطائف منذ زمن طويل أنها من البيئات الأنسب لنبتة «الجوري الدمشقية» أصل الورد الطائفي، مملكة العطور بشهادة خبراء فرنسا حول العالم. فهم يحرصون على القدوم دورياً إلى مدينة الطائف ليعيدوا تصنيع هذه النوعية من الورد. كما يزور عدد من السياح الأوروبيين المهتمين بالورد والدبلوماسيين والممثلين للدول الغربية مصانع ومزارع الورد بشكل سنوي في موسم الورد، ويطلعون على طريقة قطفه وتقطيره واستخراج الدهن والماء منه، مستمتعين بعبقه في أجواء البرودة المعتدلة والطبيعة الجبلية الخلابة.
الورد الطائفي من أجود أنواع الورد في العالم :
تنتج مزارع الورد الطائفي المُنتشرة في مواقع مُتفرقة من محافظة الطائف، نحو 700 طن من ماء الورد سنوياً، ومن الدهن نحو 40 ألف "تولة" (قنينة عطر بسعة 11.7 غرام) بواقع تولة واحدة لكُل 12 ألف وردة، ويرتفع سعر هذه العبوة الصغيرة ليصل إلى نحو ألف دولار أميركي.
50 تولة و20 لترًا من ماء العروس استخدمه خلفاء وملوك الدولة الأموية والعباسية والعهد العثماني وبداية العهد السعودي كهدايا ثمينة، إلى جانب استخدامه بعد مزجه بماء زمزم وماء الزهر في غسل الكعبة المشرفة باستهلاك 50 تولة وأكثر من 20 لترًا ماء العروس، وكذلك يستخدم عبر مرشات تعطير لأجواء المسجد الحرام. وينبت الورد الطائفي في بيئة غنية، وفي مدينة اشتهرت بحدائقها المعلقة وبساتينها الملونة بشتى أنواع الفاكهة، حيث تنتشر مزارع الرمان والعنب والتين والخوخ والبخارى والتين الشوكي "البرشومي"، والسفرجل والتوت والمشمش.
استخراج العطر :
وتبدأ رحلة الورد، عند جلب المزارعين لكميات كبيرة من الورد من مزارعهم إلى مصانع التقطير في مناطق الهدا والشفا ووادي محرم، ليستخلص منه أطيب وأغلى العطور، ومنتجات الورد الأخرى لتسويقه على أشكال ورود بالأسواق المحلية أو استخراج مائه وعطره في المعامل المنشأة لهذا الغرض استعداداً لتسويقه داخل المملكة وخارجها. وعرف الطائف منذ القدم، أنه من أكثر البيئات المناسبة لنبتة "الجوري الدمشقية"، بشهادة الخبراء الفرنسيين، الذين أطلقوا على المنطقة لقب "مملكة العطور" حول العالم، حيث تشهد المدينة قدوم خبراء بين حين وآخر لمتابعة هذه الصناعة الفاخرة والفريدة.
منشأ الورد الجوري الدمشقي :
ورغم أن هذا النوع من الورد ينشأ في المنطقة منذ قرون، فإن الطائف ليست موطنه الأصلي، وإنما هي وردة دمشقية يطلق عليها "الجوري الدمشقي، جلبها الأتراك قبل نحو 500 سنة إلى منطقة الحجاز التي تضم مكة والمدينة والطائف وجدة. ولكن تربة الطائف كانت من أفضل البيئات التي ناسبت الجوري الدمشقي، أكثر حتى من التربة التركية، بدليل أن الورد الطائفي يباع بثلاثة أضعاف سعر الورد التركي، بفرق بينهما يصل إلى حدود 320 دولار بحسب الخبير خالد الشربي، أحد المهتمين بالورد الطائفي والإرشاد السياحي بالمنطقة. حسب ما نقلت الصحيفة السعودية.
استخداماته
وتتعدد استخدامات ورد الطائف؛ إذ يضاف لمياه الشرب لإضفاء نكهة خاصة، كما يستعمل كعلاج للصداع وأمراض القلب وآلام الأسنان. وكان بعض نساء الطائف يضعنه بين خصلات شعورهن على شكل أكاليل وعقود توضع على الرأس والعنق للفتاة المتزوجة وأقاربها بليلة الزفاف. وقال عدنان بن سفر القرشي مشرف علاقات مهرجان الورد الدولي الـ12: إنه يعرف جودة دهن الورد الأصلي من المغشوش من رائحته المميزة "لا يمكن تقليدها، ودهنه ذو لون مصفر ضارب إلى اللون الأخضر قليلاً، والأخضر الواضح منه سيئ، وليس لزجًا لزوجة الزيت، بل هو خفيف، لا يترك أثرًا زيتيًّا على الملابس أو الجسم عند التطيب به".
وينتج من الورد - إضافة إلى دهنه - "ماء العروس"، وهو الماء المكرر من غلي الورد لاستخراج الدهن. كما ينتج أيضًا ماء الورد المعروف الذي يدخل في كثير من الطبخات والحلويات الشرقية.
وتشهد المدينة السعودية سنويا عدة فعاليات، أبرزها مهرجان الطائف الذي يبدأ في شهر أغسطس ، والذي يضم قرية الورد التي تعرض الورد الطائفي باعتباره ثاني أفخم الورود عالميا، وكذلك العطور الشهيرة عالميا التي تتضمن مكوناتها هذا الورد، إضافة إلى تقديم الخلطات الشرقية للجمهور.ويشهد المهرجان إقبالا إقليميا وعالميا منقطع النظير بسبب تنوعه وثرائه لما يقدمه برنامجه حول الثقافة والتراث السعودييين.