أصل المسبحة الرجالية
لطالما مثّلت المسبحة (أو السُّبحة) لكثير من الثقافات عرضاً مظهرياً للتدين والتسبيح والذكر ، لكنها أصبحت من كماليات شخصية الرجل وتعبر عن الوجاهة خصوصا إذا كانت من الأنواع النفيسة وغالية الثمن، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعض أنواع «السبحة» تساعد على العلاج من الأمراض.وحتى المواد التي تصنع منها تتفاوت أيضاً، واختلفت عبر القرون حتى بلغت في التنوع اليوم ما لا يكاد يُحصر، لكن يبدو أنها ستظل مقترنة باسم الدين رغم استخداماتها المختلفة .
أصل السبحة
تقول المصادر المعرفيّة أن السُّبحة دخيلة على الأديان السماويّة، لكنّها معروفة منذ عام 800م، حيث كانت من وسائل التعبُّد لدى البوذيّين ، إذ كانت تَربطُ الصلوات اللفظيّة بالصلوات الفعليّة، ومن ثمّ انتقلت إلى البراهمة في الهند وغيرها، ومن ثمّ إلى النصارى عند القِسِّيسين، والرُّهبان، والراهبات، ومن الهند انتقلت إلى غرب آسيا ،أمّا المسلمون، فلم يعرفوها عند أوّل ظهور الإسلام، إذ كانوا يحسبون أذكارهم إمّا باستخدام أنامِلِهم أو الحصى أو نواة التمر ، أو الأشجار، أو باستخدام الخيوط المعقودة، حيث يقول العلّامة الزبيديّ فيما نقله عن شيخه، إنّ المِسْبَحة لم يكن يعرفُها العرب، وإنّما حدثت في الصدر الأوّل لتعين على الذِّكر، ومن ثمّ بدأَت تدخلُ بين المسلمين في القرن الثاني للهجرة، ويظهر ذلك جليّاً في شعر أبي نوّاس عندما ذكرها وهو في السجن، لدى مخاطبته للوزير ابن الربيع بها. وفي القرن الخامس للهجرة انتشرَت المِسْبَحة لدى الطائفة الصوفيّة، وصارت من اختصاص النساء الصوفيّات، إلى أن انتشرَت بعدها، واستحسنَ استعمالَها، وأصبحت وسيلة لذِكر الله .ومن أشهر المسابح على مَرّ التاريخ؛ سُبحة زبيدة بنت جعفر المنصور؛ إذ تمّت صناعتها من تواقيت رمانيّة كالبنادق، كما اشتُهِرت سُبحة هارون الرشيد المصنوعة من عشر حبّات من اللؤلؤ، بينما يبلغ ثمن أغلى سُبحة في العالم 156000 دولار فهي مصنوعة من الزمرد ويمتلكها رجل سعوديّ.
ماهي السبحة
السبحة أو المسبحة، هي حبات أحجار تصنع على شكل سلسلة، فرضت وجودها عبر حقب التاريخ المتلاحقة، ورغم اختلاف الآراء حولها، ما زال هذا الكنز القديم الجديد متداولا بين أيدي الملايين من البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم وتفاوت أعمارهم. تتعدد المواد التي تصنع منها السبحة، ومنها النباتي والحيواني، وهناك سبح تصنع من الأحجار الكريمة والمعادن، وبعد الحصول على المواد المطلوبة تقطع على أشكال هندسية بالوزن والحجم حتى تكون ذات مظهر جمالي، وبعد إكمال هذه العملية يتم ثقبها لتمرير الخيط، ويجب أن تكون الحبات متناسقة تماما.
أما بالنسبة لعدد الحبات وأنواعها فهناك نوعان، الأول يستخدم فيه 99 حبة مقسمة إلى ثلاثة أقسام وكل قسم يحتوي على 33 حبة، تفصل بينها حبتان صغيرتان تسمى «الشواهد»، وتستخدم هذه السبحة عادة في التسبيح، أما النوع الثاني فيكون عدد حباته 33 مقسمة إلى ثلاثة أقسام وكل قسم يحتوي على 11 حبة، تفصل بينها حبتان كسابقتها، وتكون حبات هذه السبحة مختلفة الأحجام حيث يستخدمها الكثير لأغراض التسلية والزينة. وهي كثيرة ومتنوعة لكن أفضلها كالفيروز، والزمرُّد، والعقيق، والكهرمان والسندلوس.
تختلف المِسْبَحة من حيث أشكالها، وألوانها، وأحجامها، كما تختلف أسعارها باختلاف المادّة التي يتمّ صُنعها منها، فكلّما كانت مُتقنة الصُّنع، وأحجارها مُلفتة للنّظر، كانت أغلى ثمناً، وعلى الرغم من أنّ الغرض منها عبادة الله تعالى، إلّا أنّها أصبحت كالمجوهرات، يتحدّد ثمنها من خلال حجمها، وما تحتويه من أحجار كريمة