الشماغ من علامات الجمال لدى العرب
الشماغ .. علامة العرب وزينتهم، والذي يحمل بين طياته علامات تدل على هوية مرتديه، وتحدد أناقته، وأحياناً جماعته وانتمائه.
شاع بين الشعوب قديماً وحديثاً لبس غطاء للرأس، وتميز العرب عن غيرهم بلبس الشماغ كغطاء للرأس ويتكون غطاء الرأس العربي عادة من قطعة قماش مزخرفة، منسوجة من الكتان أو القطن، ويتم ثنيها على شكل مثلث ويضعه الرجل على رأسه.
يعود تاريخ لبس الشماغ – كما يطلق عليه في شمال الجزيرة العربية والأردن والعراق – إلى حضارات ما بين النهرين في العراق قديماً، حيث وردت كلمة شماغ في اللغة السومرية، وهي تتكون من مقطعين “اش ماخ” بمعنى غطاء الرأس، وكانت أنماط توزيع الألوان على الشماغ تحاكي شباك الصيد أو سنابل القمح كما يعتقد الباحثون في الملابس التقليدية. وتمكن الشماغ من الصمود منذ تلك الفترة إلى وقتنا الحالي لمزاياه الوظيفية كالحماية من أشعة الشمس والبرد القارس ليلاً في البيئات الصحراوية وحماية الوجه من الغبار عند وضعه كلثام، وبقي أيضاً لمزاياه الجمالية ليكون علامة مميزة في ثياب العرب.
هناك من يقول بأن أصل الشماغ جاء من البريطانيين، بعد أن قدموه للعرب عندما
جاؤوا للجزيرة العربية، إلا أن ذلك غير صحيح حيث أن الشماغ يعود لآلاف
السنين وهو مرتبط بطبيعة حياة أجدادنا الصحراوية منذ القدم كما ذكرنا، وذلك
قبل مجيء البريطانيين بمئات السنين، كما كان يستخدمه الطوارق الذين يعيشون
في المغرب العربي لحمايتهم من الرياح الرملية وأشعة الشمس.
لكن الإنجليز شاركوا بتطوير الشكل الخارجي والنهائي للشماغ، فتطريزة الشماغ لم يكن باستطاعة العرب قديماً القيام بها نظراً لقلة الإمكانيات التصنيعية حينها لإنتاج هذا التطريز، فالشماغ الأحمر ينسب إلى الجنرال الإنجليزي “جلوب باشا” الذي تولى قيادة الجيش الأردني في الفترة (1939م – 1956م) حيث فرض لبسه على الجنود الأردنيين، وذلك بسبب قلة الطلب عليه من المصانع البريطانية في الحرب العالمية الثانية، فقام بتعميم هذا النوع من الأشمغة على قوات البادية وعلى الجيش الأردني ولبس هو نفسه هذا الشماغ مع العقال، وبعد ذلك انتشر بين عرب الجزيرة، لكن ما كان يهم العرب هو أن يكون الشماغ من قماش كثيف يمنع نفوذ الغبار أكثر من اهتمامهم بشكله أو نقشه.
وكان للشماغ قيمة معنوية على الصعيد الاجتماعي بالإضافة إلى قيمته الجمالية، حيث أخذ دلالات عربية متوارثة، فمثلاً عند طلب الثأر كان يتم قلب الشماغ ووضعه أسفل الذقن. أما في حالة “الدخيل” وطلب الأمان، فكان يتم وضع الشماغ حول رقبة المستجار به – أي المدخول عليه – وكأنه يقول له “ما يمسّني يمسُّك”.
ونشاهد في المقطع التالي طرق لبس الشماغ في المملكة العربية السعودية.
هناك أسماء أخرى للشماغ حسب المناطق العربية، ففي بلاد الشام يطلق عليه الحَطّة أو الكوفية نسبة إلى الكوفة في العراق، ويتكون من قماشة بيضاء مرقطة بنقوش حمراء أو سوداء كما هو دارج في فلسطين والعراق، وذلك بخلاف الغترة وقد أخذت اسمها من الكلمة الهندية “كوترا” التي تعني العمامة، حيث تكون بدون نقوش وأخف وزناً من الشماغ. بالإضافة لأسماء أخرى مثل مشدة، قضاضه.